[b]ظلت حبة البركة أو الحبة السوداء عنصراً مهماً لعلاج العديد من الأمراض منذ مئات بل آلاف السنين، وقد ذكرتها كتب الطب القديم والحديث لاحتوائها على مواد قوية، ومضادات حيوية فاعلة أثبتت نجاحها في التصدي لعدد من الأمراض المعروفة واسعة الانتشار.
والحبة السوداء من النباتات العشبية الحولية، وهي تنتمي نباتياً إلى الفصيلة الحوذانية، غير أن بوصف المصادر نسبتها إلى الفصيلة الشقيقية، البعض منها يزرع لحبوبها والبعض الآخر يعتنى به لزهوره، وهناك أنواع تنبت تلقائياً في الحقول البرية.
موطنها الأصلي
تنبت حبة البركة في مناطق كثيرة من العالم، ويكثر نموها في بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط، وتسمى بمسميات أخرى في بعض تلك البلدان ومن أشهر أسمائها (الشوينز) و(الشينيز) وهي من الأسماء الفارسية، النوع الذي يزرع في منطقة اللاذقية يعتبر أفضل الأنواع، وفي بعض البلدان الحارة يسمونها (بوافريت) أي (الفليفل) تصغير فلفل وتستخدم ضمن التوابل.
استطباباتها
اكتشف الطب القديم بعض فوائد حبة البركة، حيث ذكرت كتب الطب العربية القديمة أن بذور حبة البركة (الحبة السوداء) تعالج الزكام، وذلك بقليها على النار ثم حصرها في خرقة من قماش وتشم، كما تستخدم في علاج الثآليل بحيث تدق وتضمد على الموضع، وتستعمل كلبخات لعلاج الصداع والبرد، وتمزج بالماء والعسل طلبا للشفاء من الحميات، واستخدمت الحبة السوداء في تسكين وجع الأسنان الحساسة وبذلك بأن تطبخ بالخل ويتم الغرغرة بها.
ووصف قدامى الأطباء زيت حبة البركة لعلاج أوجاع المفاصل باستخدمه ككمادات موضعية، ووصفها البعض لتقوية الباه بحيث تشرب قطرات من زيت الحبة السوداء ممزوجة مع الزيت واللبان الذكر.
وتدخل حبة البركة في تصنيع الكثير من الأدوية المركبة لعلاج آفات الصدر والربو والدوار والصداع والسعال، كما أنها مفيدة جداً في إدرار البول، وعلاج آلام المفاصل وداء الشقيقة، وقد أثبت الطب الحديث عدم صلاحية استخدام زيتها للأذنين كعلاج للصمم بعكس ما كان يوصي به الأطباء القدماء وكتب الطب القديمة، حيث وجد أن هناك أساب كثيرة للصمم لا علاقة لمركبات زيت حبة البركة بعلاجها، بل ربما تفاقم الحالة وتزيدها سوءا لذا ينصح باستشارة الطبيب، خصوصاً إذا كانت هناك التهابات بالقناة السمعية الوسطى، ورغم الفوائد الجمة لحبة البركة ومشتقاتها فإن استخدامها بشكل عشوائي أمر غير محمود.
الإعداد والاستخدام
تدخل حبة البركة في كثير من الفطائر والمعجنات وبعض الحلويات، بذورها سوداء حريفة فلفلية الطعم عطرية النكهة وهي من فصيلة التوابل، تدق وتخلط أو تضاف كما هي إلى دقيق الخبز لإعطاء نكهة وطعم شهي، ويساعد وجودها في الخبز والمعجنات الأخرى على هضم هذه المواد الغذائية خاصة في البلاد ذات المناخ الحار.
في بعض البلدان تستخدم حبة البركة في صناعة أنواع خاصة من الحلوى، حيث تضاف إلى العسل، وخلطة من بعض جذور النباتات العطرية وبعض المواد الأخرى، وعدد من التوابل، ومن هذا المزيج تصنع عجائن الحلوى التي تستخدم لعلاج لعدد من الحالات، وخصوصا في تقوية طاقة الجسم، وكلما كانت الخلطة مكتملة تكون مكلفة وبالتالي تكون ذات مردود أعلى وإذا قلت المواد الداخلة في تركيبتها يرخص ثمنها، ويقل مفعولها لكنها أيضا تكون مميزة بنكهتها، وتستخدم لذات الغرض.
ويدخل في تركيبة المواد المكونة لتلك الحلوى إلى جانب حبة البركة العديد من مستخلصات، ومشتقات النباتات التي تفيد في زيادة قوة الجسم وكذلك المواد المنبهة، وكلما كانت التركيبة مركزة فإنه ينصح بتناول كمية أقل من الحلوى بحيث لا تتجاوز ثلث أو نصف أوقية في اليوم الواحد، لأن الإفراط في تناولها قد يقود إلى عواقب لا تحمد مثل تهيج القناة الهضمية أو تعرضها للالتهاب، أو وجود ضعف في الجهاز الهضمي، لكن استخدامها بالقدر المناسب يساعد في تقوية وتنبيه الجسم ويطرد الريح ويسبب التعرق.
التركيبة العجيبة
قد يتبادر إلى الأذهان سؤال عن ماهية هذه المواد المكونة للحلوى السحرية هذه؟ نستطيع الإجابة من خلال ما سمحت به بعض المصادر الطبية القديمة في هذا الخصوص حيث أوردت عدداً من النباتات أهمها (لوية) وهو نبات من القسم الشوكي للفصيلة المركبة يسمى ارقطيون ويباع في بعض البلدان العربية تحت مسمى عكش أو عروقات أو عطاري، عرق الاضطراب (كاليكوم) عرف الانجبار مغات عود الصليب حركف النسر ويعرف باسم ناردين حبة خضراء حبة غالية ثمر الفؤاد خميرة محلب، كراويا هندي، شعير، لبان، حشيفة، شرغدان، عرق الجناح، نخوة، شمار، انيسون، كمون أبيض، زرنباد، كركم، جوز الطيب، لاذن مر، قناوشق، عنزروت قرفة، لسان عصفور، حب الهال، قرنفل خولنجان، نارجيلن بندق.
ويستخدمها البعض في تعديل مفعول القهوة الكافيين، وذلك بإضافة قطرات من زيت حبة البكرة على القهوة قبل رفعها عن النار بثوان معدودة، فتظهر نكهة واضحة لمتذوقي القهوة.